واجب‏الوجود مضافا الی أن وجوده غيره انما يصح عنه علی النحو الذی ذكر .
و اذا قال له : حی ، لم يعن الا هذا الوجود العقلی مأخوذا مع الاضافه الی‏
الكل المعقول أيضا بالقصد الثانی ، اذا الحی هوالمدرك الفعال . واذا قال‏
له : مريد ، لم يعن الا كون واجب الوجود مع عقليته - أی سلب الماده عنه‏
- مبدأ النظام الخير كله وهو يعقل ذلك ، فيكون هذا مؤلفا من اضافة و
سلب . و اذا قال له : جواد ، عناه من حيث هذه الاضافه مع‏السلب ، بزياده‏
سلب آخر ، وهو أنه لاينحو غرضا لذاته . واذا قال له : خير ، لم يعن الا
كون هذاالوجود مبرأ عن مخالطه ما بالقوه والنقص و هذا سلب ، أو كونه‏
مبدألكل كمال ونظام وهذا اضافة .
فاذا عقلت صفات الاول الحق علی هذه الجهة ، لم يوجد فيها شی‏ء يوجب‏
لذاته أجزاء أو كثره بوجه من الوجوه .
ولا يمكن أن يكون جمال أو بهاء فوق أن تكون الماهية عقلية محضه ، خيرية
محضه ، بريئه عن كل واحد من أنحاءالنقص ، واحده من جهة ، فالواجب‏
الوجود له الجمال والبهاء المحض ، وهو مبدأ جمال كل شی‏ء و بهاء كل شی‏ء .
و بهاؤه هو أن يكون علی ما يجب له ، فكيف جمال ما يكون علی ما يجب‏
فی‏الوجود الواجب ؟ وكل جمال وملائمة وخير مدرك فهو محبوب معشوق ، و
مبدأ ذلك كله ادراكه . أما الحسی ، و أما الخيالی و أما الوهمی و أما
الظنی ، وأما العقلی ، و كلما كان الا دراك أشد اكتناها و أشد تحقيقا
والمدرك أكمل و أشرف ذاتا ، فاحباب القوه المدركة اباه والتذاذها به‏
أكثر .
فالواجب الوجود الذی هو فی غاية الكمال والجمال والبهاء الذی يعقل‏
ذاته بتلك‏ا لغاية والبهاء والجمال ، و بتمام التعقل ، و بتعقل العاقل و
معقول علی أنهما واحد بالحقيقة ، تكون ذاته لذاته أعظم عاشق و معشوق و
أعظم لاذ و ملتذ ، فان اللذه ليست الا ادراك الملائم من جهة ماهو ملائم ،
فالحسية احساس الملائم ، و العقليه تعقل الملائم ، و كذلك فالاول أفضل‏
مدرك بأفضل ادراك لافضل مدرك ، فهو أفضل لاذ و ملتذ ، و يكون ذلك أمرا
لايقاس اليه شی‏ء .