تنخلع عن هيولاه صوره المائية ، ويحصل لها صوره الهوائية ، والقسم الاول‏
كما لايخفی عليك ، يحصل فيه الجوهرالذی للاول بعينه فی الثانی ، والقسم‏
الثانی لايحصل الجوهر الذی فی الاول بعينه فی الثانی ، بل جزء منه و يفسد
ذلك الجوهر .
و لما كان فی أول القسمين جوهر ما هو أقدم موجودا فيما هو أشد تأخرا
كان هو بعينه ، أو هو بعض منه ، و كان الثانی هو مجموع جوهرالاول و كمال‏
مضاف اليه ، و لما كان قد علم فيما سلف أن الشی‏ء المتناهی الموجود
بالفعل لايكون له ابعاض بالفعل كانت ابعاضا مقدارية أو معنوية لها
تراتيب غيرمتناهية ، فقد استنعنينا بذلك عن أن نشتغل ببيان أنه هل يمكن‏
أن يكون موضوع من هذاالقبيل قبل موضوع بلانهاية ، أولا يمكن .
و أما الثانی من القسمين فانه من الظاهر أيضا وجوب التناهی فيه ، لان‏
الاول انما هو بالقوه الثانی لاجل المقابله التی بين صورته و بين صوره‏
الثانی و تلك المقابلة تقتصر فی الاستحالة علی الطرفين بأن يكون كل واحد
من الامرين موضوعا للاخر ، فيفسد هذا الی ذاك ، و ذاك الی هذا ، فحينئذ
بالحقيقه لايكون أحدهما بالذات متقدما علی الاخر ، بل يكون تقدمه عليه‏
بالعرض ، أی باعتبار الشخصية دون النوعية ، و لهذا ليس طبيعة الماء
أولی بأن تكون مبدأ للهواء من الهواء للماء ، بل هما كالمتكافئين فی‏
الوجود . و أما هذاالشخص من الماء فيجوز أن يكون لهذا الشخص من الهواء
، ولا يمنع أن يتفق أن لايكون لتلك الاشخاص نهاية او بداية .
وليس كلا منا ههنا فيما هو بشخصيته مبدأ لابنوعيته ، و فيما هو بالعرض‏
مبدأ لابالذات ، فانا نجوز أن تكون هناك علل قبل علل بلا نهاية فی‏الماضی‏
والمستقبل ، و انما علينا أن نبين التناهی فی الاشياء التی هی بذواتها علل‏
، فهذا هوالحال فی ثانی القسمين ، بعد أن نستعين أيضا بما قيل فی‏
الطبيعيات . والقسم الاول هوالذی هو بذاته عله موضوعية ، ولاينعكس فيصير