وان جعلت هذه‏المعقولات أجزاء ذاته عرض تكثر ، وان جعلتها لواحق ذاته‏
عرض لذاته أن يكون من جهتها واجب‏الوجود لملا صقته ممكن‏الوجود ، وان‏
جعلتها أمورا مفارقه لكل ذات عرضت الصور الافلاطونية ، و ان جعلتها
موجوده فی عقل ما عرض أيضا ماذكرنا قبل هذا من المحال .
فينبغی أن تجتهد جهدك فی‏التخلص من هذه الشبهة ، و تتحفظ أن لاتكثر
ذاته ، ولا تبالی بأن تكون ذاته مأخوذه مع اضافة ما ممكنةالوجود ، فانها
من حيث هی علةلوجود زيدليست بواجبة الوجود بل من حيث ذاتها . و تعلم‏
أن العالم الربوبی عظيم جدا ، و تعلم أنه فرق بين أن يفيض عن الشی‏ء صوره‏
من شأنها أن تعقل ، و أن يفيض عن الشی‏ء صوره معقوله من حيث هی معقوله‏
بلازياده ، و هو يعقل ذاته مبدأ لفيضان كل معقول من حيث هو معقول معلول ،
كما هو مبدأ لفيضان كل موجود من حيث هو موجود معلول . ثم تجتهد فی تأمل‏
الاصول المعطاه والمستقبله ليتضح لك ما ينبغی أن يتضح .
فالاول يعقل ذاته و نظام‏الخير الموجود فی‏الكل أنه كيف يكون بذلك‏
النظام ، لانه يعقله وهو مستفيض كائن موجود . و كل معلوم‏الكون ، وجهة
الكون عن مبدئه عند مبدئه ، وهو خير غيرمناف ، وهو تابع لخيرية ذات‏
المبدأ وكمالها المعشوقين لذاتيهما ، فذلك الشی‏ء مراد ، لكن ليس مراد
الاول هو علی نحو مرادنا حتی يكون له فيما يكون عنه غرض ، فكأنك قد
علمت استحالة هذا و ستعلم ، بل هو لذاته مريد هذا النحو من الاراده‏
العقلية المحضه ، و حياته هذا أيضا بعينه ، فان الحياه التی عندنا تكمل‏
بادراك و فعل هوالتحريك ينبعثان عن قوتين مختلفتين ، وقد صح أن نفس‏
مدركه - وهو مايعقله عن‏الكل - هو سبب‏الكل وهو بعينه مبدأ فعله ، و ذلك‏
ايجاد الكل ، فمعنی واحد منه هو ادراك و سبيل الی الايجاد ، فالحياه منه‏
ليس مما تفتقر الی قوتين حتی تتم بقوتين ، ولا الحياه منه غيرالعلم وكل‏
ذلك له بذاته .
و أيضا فان الصور المعقوله التی تحدث فينا فتصير سببا للصوره‏