وليس عندنا لهذه المعانی أسام غير هذه الاسامی ، فمن استبشعها استعمل‏
غيرها .
و يجب أن يعلم أن ادراك العقل للمعقول أقوی من ادراك الحس للمحسوس‏
، لانه - أعنی العقل - يعقل و يدرك الامر الباقی الكلی ، و يتحدبه ويصير
هو هوعلی وجه ما ، و يدركه بكنهه لابظاهره ، و ليس كذلك الحس للمحسوس‏
، فاللذه التی تجب لنا : بأن نعقل ملائما ، هی فوق اللذه التی تكون لنا :
بأن نحس ملائما ولا نسبة بينهما . لكنه قد يعرض أن تكون القوه المدركه‏
لاتستلذ بما يجب أن تستلذ به لعوارض ، كما أن المريض لايستلذ الحلو ، و
يكرهه لعارض ، فكذلك يجب أن يعلم من حالنا مادمنا فی‏البدن . فاذا حصل‏
لقوتنا العقليه كما لها بالفعل لاتجد من اللذه ما يجب للشی‏ء فی نفسه ،
وذلك لعائق البدن . ولو انفردنا عن البدن ، كنا بمطالعتنا ذاتنا ، وقد
صارت عالما عقليا مطابقا للموجودات الحقيقية ، والجملات الحقيقية ،
اللذات الحقيقية ، متصله بها اتصال معقول بمعقول ، نجد من اللذه والبهاء
مالانهاية له ، و سنو ضح هذه المعانی كلها بعد .
واعلم أن لذه كل قوه حصول كمالها لها ، فللحس المحسوسات الملائمة ، و
للغضب الا نتقام ، وللرجاء الظفر ، ولكل شی‏ء ما يخصه ، وللنفس الناطقة
مصيرها عالما عقاليا بالفعل . فالواجب‏الوجود معقول ، عقل أولم يعقل ، و
معشوق ، عشق أولم يعشق .