الامور التی يفعلها العاقل بما هو عاقل محدوده ، تفيد غايات مقصوده
لانفسها ، واذا كان الفعل العقلی لايكون الا محدود الغاية ، وليس ذلك
للفعل العقلی من جهة ما هو فعل عقلی ، بل من جهة ماهو فعل يؤم بهالفاعل
الغاية ، فهو اذن كذلك من جهة ما هو ذوغاية ، فاذن كونه ذاغاية يمنع أن
يكون لكل غايه غايه ، فظاهر أنه لايصح قول القائل : ان كل غايته وراءها
غايه ، وأما الافعال الطبيعية والحيوانيه ، فقد علم أيضا فیمواضع أخری
أنها لغايات .
وأما العلة الصورية للشیء فيفهم عن قريب تناهيها بما قيل فیالمنطق ، و
بماعلم فی تناهی الاجزاء الموجوده للشیء بالفعل علی ترتيب طبيعی ، وأن
الصوره التامة للشیء واحده ، وأن الكثير يقع منها علی نحوالعموم والخصوص
، وأن العموم والخصوص يقتضی الترتيب الطبيعی ، وماله ترتيب طبيعی فقد
علم تناهيه ، وفی تأمل هذاالقدر كفاية وغنية عن التطويل .
و نبتدی فنقول اذا قلنا مبدأ أول فاعلی ، بل مبدأ أول مطلق فيجب أن
يكون واحدا ، وأما اذا قلنا علة اولی عنصرية ، و علة اولی صوريه ، وغير
ذلك ، لم يجب أن تكون واحده وجوب ذلك فی واجبالوجود ، لانه لاتكون ولا
واحدمنها علة اولی مطلقا ، لان واجب الوجود واحد ، وهو فی طبقة المبدأ
الفاعلی ، فيكون الواحد الواجب الوجود هو أيضا مبدأ و علة لتلك الاوائل.
فقد بان من هذا وما سلف لنا شرحه ، أن واجب الوجود واحد بالعدد ،
وبان أن ماسواه اذا اعتبر ذاته كان ممكنا فی وجوده ، فكان معلولا ، ولاح
أنه ينتهی فیالمعلو لية لامحالة اليه ، فاذن كل شیء الاالواحد الذی هولذاته
واحد ، و الموجود الذی هو لذاته موجود ، فانه مسفيد الوجود عن غيره ، هو
أيس به ، وليس فیذاته ، وهذا معنی كو ن الشیء مبدعا أی نائل الوجود عن
غيره ، وله عدم يستحقه فیذاته مطلق ، ليس انما يستحق العدم بصورته دون
مادته ، أو بمادته دون صورته ، بل بكليته ، فكليته اذا لم يقترن بايجاب
الموجدله ، واحتسب أنه منقطع عنه وجب عدمه بكليته ، فاذن ايجاده عن
الموجدله بكليته ، فليس جزء
|