الطبيعية المعاضده باطبع لطبيعة موجوده ، كان متحركا الی الكمال و كان فی‏
طريق السلوك .
فقد ظهر اذن أن سائر الاقسام غير مقصوده من هذا البحث الا القسم المذكور
، بل هذا الحكم غير صحيح فی‏سائرالاقسام ، فانه يجوز فی غيركون الجوهر اذا
فرضنا موضوعا مبتدأ أن لايزال يكتسب استعدادا بعد استعداد لامور عرضية من‏
غير أن يتناهی ، كالخشب‏فانك كلما شكلته بشكل استعد بذلك لامر ، و اذا
خرج استعداده الی الفعل ، استعد لامر آخر ، و كذلك النفس فی ادراك‏
المعقولات ، ويشبه أن تكون الاستحالات الطبيعية لايمنع فيها هذا المعنی .
وأما الشبهة المذكوره فی كون الاشياء من‏العناصر ، و أنه ليس علی أحد
القسمين ، فحلها يظهر أيضا مما قد قيل ، وهو أن العنصر مفردا ليس مستعدا
لقبول الصور الحيوانية والنباتية ، بل يحصل له ذلك الاستعداد بالكيفية
التی يحدث فيه بالمزاج ، والمزاج يحدث فيه لامحالة استحالة ما فی أمر
طبيعی له ، و ان لم يكن مقوما ، فتكون نسبته الی صوره المزاج من القسم‏
الذی يكون بالاستحالة ، و اذا حصل فيه المزاج كان قبول صوره الحيوانيه له‏
استكمالا لذلك المزاج ، ويتحرك الطبع به اليه ، فتكون نسبته الی صوره‏
الحيوانيه نسبة الصبی الی الرجل ، فلذلك ليست تفسد الصوره الحيوانيه‏
الی أن تصير مجرد مزاج ، كما لايكون الصبی من الرجل ، و يفسد المزاج الی‏
موجب الصوره البسيطة ، كمايستحيل الماء الی الهواء ، وليس الحيوان‏
عنصرا لجوهر العناصر ، بل يستحيل اليهامن حيث هی بسيطة .
فيكون اذن الامتزاج و البساطة يتعاقبان علی الموضوع ، والبساطة ليست‏
تقوم جوهر العناصر ولكن تكمل طبيعة كل واحد منها ، من حيث هو بسيط ،
فتكون النار نارا صرفة فی الكيفية التی فيها ، اللازمه لصورتها و كذلك‏
الماء . و كذلك كل واحد من العناصر ، فاذن كون الحيوان يتعلق بكونين ،
ولكل واحد منها حكم يخصه من وجوب التناهی ، فهو داخل أيضا فی‏القسمين‏
المذكورين .