موجودا دائما كان لك علم لابالكسوف المطلق ، بل بكل كسوف كائن ، ثم كان‏
وجود ذلك‏الكسوف وعدمه لايغير منك أمرا ، فان علمك فی‏الحالين يكون‏
واحدا ، وهو أن كسوفا له وجود بصفات كذا ، بعد كسوف كذا ، او بعد
وجودالشمس فی‏الحمل كذا ، فی مده كذا ، ويكون بعد كذا ، و بعده كذا ، و
يكون هذا العقد منك صادقا قبل ذلك الكسوف و معه و بعده . فأما ان‏
أدخلت الزمان فی ذلك ، فعلمت فی آن مفروض أن هذاالكسوف ليس بموجود
، ثم علمت فی آن آخر أنه موجود ، لم يبق علمك ذلك عند وجوده ، بل‏
يحدث علم آخر ، ويكون فيك التغيرالذی أشرنا اليه ، ولم يصح أن تكون فی‏
وقت الانجلاء علی ماكنت قبلی الانجلاء ، هذا و أنت زمانی و آنی ، ولكن‏
الاول الذی لايدخل فی‏زمان و حكمه ، فهو بعيد أن يحكم حكما فی هذاالزمان ، و
ذلك‏الزمان من حيث هو فيه ومن حيث هو حكم منه جديدا و معرفة جديده .
اعلم أنك انما كنت تتوصل الی ادراك الكسوفات الجزئية ، لاحاطتك‏
بجميع اسبابها ، و احاطتك بكل ما فی‏السماء ، فاذا وقعت الاحاطة بجميع‏
أسبابها و وجودها ، انتقل منها الی جميع المسببات ، و نحن سنبين هذا من‏
ذی قبل بزياده كشف ، فتعلم كيف يعلم الغيب و تعلم من هناك أن الاول من‏
ذاته كيف يعلم كل شی‏ء ، و أن ذلك لانه مبدأ كل شی‏ء ، و يعلم الاشياء من‏
حالها ، اذهو مبدأ شی‏ء أو أشياء حالها و حركاتها كذا ، و ما ينتج عنها
كذا ، الی التفصيل بعده ، ثم علی الترتيب الذی يلزم ذلك التفصيل لزوم‏
التعدية و التأدية ، فتكون هذه الاشياء مفاتيح الغيب التی لا يعلمها أحد
الاهو ، فالله أعلم بالغيب و هو عالم الغيب و الشهاده و هو العزيز
الحكيم .