الی شی‏ء آخر يوجد به ، وهذا محال .
وأما فی‏اللون ، وفی الهيولی ، فليس الامر هناك علی هذه‏الصوره ، فان‏
الهيولی و فی أنها هيولی شی‏ء ، واللون فی أنه لون شی‏ء ، وفی أنه موجود
شی‏ء . و نظير اللون هناك هو واجب‏الوجود ههنا ، و نظير فصلی السواد
والبياض هناك هو ما يختص به كل واحد من المفروضين ههنا ، فكما أن كل‏
واحد من فصلی السواد والبياض لامدخل لهما فی تقرير اللونية ، كذلك يجب‏
أن يكون خاصه كل‏واحد من هذين المفروضين لامدخل لهما فی تقرير وجوب‏الوجود.
وأما هناك ، فكان المدخل للفصلين فی أن صاراللون موجودا ، أی صار
اللون شيئا هو غير اللون ، و زائدا علی أنه لون ، و ههنا ليس يمكن ذلك‏
، لان وجوب‏الوجود يكون متقررالوجود ، بل هو تقررالوجود ، بل الوجود شرط
فی تقرير ماهية واجب‏الوجود ، أو هو نفسه مع عدم عدم ، أو امتناع بطلان .
وأما فی‏اللون ، فالوجود لاحق يلحق ماهية هی‏اللون ، فتوجد الماهيةالتی هی‏
بنفسها لون عينا موجوده بالوجود . فلو كانت الخاصه ليست علة فی تقرير
ماهية وجوب‏الوجود ، بل فی أن يحصل له‏الوجود ، وكان‏الوجود أمرا خارجا عن‏
تلك الماهية خروجها عن ماهية اللون ، كان‏الامر مستمرا علی قياس سائر
الاشياء العامة المنفصلة بفصول ، وبالجملة المنقسمة فی‏معان مختلفة ،
لكن‏الوجود يجب أن يكون حاصلا حتی يكون وجوبه ، فتكون الخاصة كأنها تحتاج‏
اليها كشی‏ء فی أمر هوالذی استغنی فيه عنه ، و هذا خلف ، محال ،
بل‏الوجوب ليس له‏الوجود كشی‏ء ثان يحتاج اليه ، كما للونية وجود ثان . و
بالجملة كيف يكون شی‏ء خارج عن وجوب‏الوجود شرطا فی‏وجوب‏الوجود ؟ و مع‏
ذلك‏فان حقيقة وجوب‏الوجود كيف يتعلق بموجب له ، فيكون وجوب‏الوجود فی‏
نفسه امكان‏الوجود ؟
و نقرر من رأس فنقول : بالجملة ان‏الفصول وما يجری مجراها لايتحقق بها
حقيقة المعنی الجنسی من حيث معناه ، بل انما كانت علة لتقويم الحقيقة