بحث و تحصيل
و لعلك تقول ايرادا علی ما ذكرناه من أن الفاعل القريب لكل حركه و كل فعل جسمانی هو الطبيعه لا غير : انه لو استحالت الطبيعه محركه للاعضاء خلاف ما يوجبه ذاتها طاعه للنفس فوجب أن لا يحدث اعياء عند تكليف النفس اياها خلاف مقتضاها ، و لما تجاذب مقتضی النفس و مقتضی الطبيعه عند الرعشه و المرض . فاعلم و تيقن أن الطبيعه التی هی قوه من قوی النفس التی تفعل بتوسطها بعض الافاعيل هی غير الطبيعه الموجوده فی عناصر البدن و أعضائه بالعدد ، فان تسخير النفس و استخدامها للاولی ذاتی ، لانها قوه منبعثه عن ذاتها ، و للاخری عرضی قسری و انما يقع الاعياء و الرعشه و نحو هما بسبب تعصی الثانيه عن طاعه النفس أحيانا . فلها فی البدن طبيعتان مقهورتان ، احداهما طوعا و الاخری كرها . و لها أيضا ضربان من القوی و الخوادم الطبيعه ، تفعل با حداهما الافاعيل المسماه بالطبيعيه كمبادی الحركات الطبيعيه الكيفيه و الكميه من الجذب و الدفع و الامساك و الهضم و الاحاله و النمو و التوليد و غيرها ، و هی التی تخدمها طوعا و اسلاما ، و تفعل بالاخری الافاعيل المسماه بالاختياريه كمبادی الحركات الاختياريه الاينيه و الوضعيه كالكتابه و المشی و القعود و القيام ، و هی التی تخدمها كرها و قسرا . و هذان جندان من عالم الحركات مقهورتان لها بما هی نفس حيوانيه و لها بما هی نفس عقليه جنود و خوادم اخری من عالم الادراكات جميعها يخدمها طوعا و رضا ، و هی كمبادی الادراكات الوهميه و الخياليه و الحسيه و مبادی الاشواق و ارادات الحيوانيه . و النطقيه و هذه الطبيعه المطيعه للنفس مع قواها و فروعها التابعه لها باقيه مع النفس و الاخری بائده هالكه . و فی هذا سر المعاد الجسمانی كما سيأتی تحقيقه انشاء الله تعالی .