فصل 26 فی استيناف برهان آخر علی وقوع الحركه فی الجوهر
اعلم أن الطبيعه الموجوده فی الجسم لايفيد شيئا من الامور الطبيعيه فيه لذاتها ، لانها لو كانت تفعل فی جسمها لكان لها فعل من دون وساطه الجسم ، و التالی باطل فالمقدم مثله . أما بيان بطلان التالی : فلانها قوه جسمانيه ، ولو فعلت من غير وساطه الجسم لم تكن جسمانيه بل مجرده . و أما بيان حقيقه الملازمه ، فلان الطبائع والقوی لاتفعل الابمشاركه الماده و الوضع ، و برهانه : ان الايجاد متقوم بالوجود متأخر عنه ، اذ الشیء ما لم يوجد لم يتصور كونه موجدا ، فكونه موجدا متفرع علی كونه موجودا ، فالشیء اذا كان نحو وجوده متقوما بالماده فكذلك نحو أيجاده متقوم بها . ثم ان وجود الماده وجود وضعی و توسطها فی فعل أو انفعال عباره عن توسط وضعها فی ذلك ، فما لاوضع لها بالقياس اليه لم يتصور لها فعل فيه و لا انفعال له منها ، فلو كان لقوه فعل بدون مشاركه الوضع لكانت مستغنيه عن الماده فی فعلها ، و كل مستغن عنها فی الفعل مستغن فی الوجود ، فكانت مجرده عنها ، هذا خلف ، و يلزم من هذا أن لايكون للطبيعه فعل فی نفس الماده التی وجدت فيها اذ لا وضع للماده بالقياس الی ذاتها و الی ما حل فی ذاتها و الا لكان لذی الوضع وضع آخر ، هذا محال . فكل ما يفعل الماده أو يفعل فی الماده فيمتنع أن يكون وجودها ماديا ،